واقع تدبير الشأن المحلي بإنزكان ومسؤولية اثرياء الريع.

أثرياء ريع فاحت رائحتهم…ومؤسسات منتخبة تواجه المخاض…وأحزاب ونقابة وهيئات مدنية تعرضت للاحتواء والتحكم…حقائق كفيلة لتجعلنا نؤكد ان واقع تدبير الشأن المحلي بإنزكان لا يجب قراءته على ضوء مفاهيم الدستور الجديد، او التغيرات الديمقراطية الوطنية، او…او…وإنما على ضوء السياق التاريخي الذي جاء تشكيل وتكوين كائنات ريعية وتمكينها في المدينة اقتصاديا وسياسيا؟؟
السؤال الأساسي والمهم اليوم في نظرنا “وان كان مشروعا” ليس هو حصيلة الجماعات الترابية؟؟ ولا مهامها وصلاحياتها الدستورية والقانونية إن وجدت؟؟
بعض الأحيان نستخلص أن فهم البعض للسياسة وادوار المؤسسات المنتخبة وعلى راسها الجماعات الترابية، هو فهم فلكلوري فقط، وهذا الفهم نتيجة سنوات من تكميم الافواه، ونشر هوامش الفقر والهشاشة، وصنع الكائنات الريعية والتمكين لها في المعارك الانتخابية بشتى الطرق…وبسبب ذاك الاعلام المسخر، حيث أصبح كلام التفاصيل متاحا للجميع، ونزل الفاعل الموضوعي المناضل من برجه العالي.. حتى أصبحنا جميعا نطرح أسئلة لا يهم جوابها، أصبحنا منشغلين بالقشور وتركنا الأساس. منشغلين بالحديث عن أنواع الخلايا السرطانية التي أصيب بها جسدنا السياسي والاقتصادي بانزكان ونسينا الحديث عن سياقات وأسباب خلق ونمو هذه الخلايا.
“واقع الجماعات الترابية بإقليم انزكان بصفة عامة اليوم” لا يجب تحميلها أكثر مما تحتمل وتحويلها إلى سبب صراع بين من يحاول التحرر والإصلاح في حدود الإمكان، ومن يحاول لعب دور البطولة وركوب الأمواج ..أو تحويلها الى أداة عائقة للتنمية وكسب الامتيازات الريعية فقط على حساب المصلحة العامة وحقوق الساكنة الاقتصادية والاجتماعية….
اليوم أزمة تدبير الشأن المحلي تهمنا جميعا، لأن إصرار البعض على إبقاء المؤسسات على حالها وتحويلها الى أسواق لتوزيع الريع…وحلبات للصراعات الفارغة…له ارتباط أساسي بواقعنا مستقبلا…
نعلم جميعا من يحرك الأوراق كيف يشاء، ونعلم من يعيق التنمية قديماً وحديثاً في اقليمنا من أجل النهب والسيطرة ومراكمة الامتيازات الريعية، وحتى استهداف احرار المدينة والاقليم بشكل مباشر او غير مباشر لم يتورعوا فيه …
وبعض الكائنات ممن تمتهن خلق الهياكل الحزبية والنقابية والحقوقية والجمعوية على المقاس ووفق المخططات الانتهازية…. لا يجب أن يعول عليها لأنها ببساطة مجرد أدوات تتستر بغلافات مختلفة، وتتوارى خلف الأقنعة لتصفية الحسابات بين اثرياء الريع….
المؤسسات الدستورية والجماعات الترابية بصفة خاصة إلى حد مقدر يجب أن تكون مقدسة، لكن عندما يجري التحكم فيها بالمال الحرام …والقوانين المصنوعة على المقاس… وتوظيفها لخدمة مصالح ومشاريع ومخططات اثرياء الريع، تسحب منها هاته القدسية وتبقى تحت ألف علامة إستفهام…
النخب المناضلة الحقيقية اليوم بإنزكان، بغض النظر عن إيديولوجياتها وقناعاتها أمام رهان كبير، رهان يستوجب عليها أولا الخروج من مرحلة الصمت الى مرحلة الكلام المرتفع…ومن قاعة الانتظار الى قاعة المواجهة وخوض معركة تنزيل الحلول وخلق مبادرات للصالح العام رغم الاكراهات … وعدم التأثير بالارتدادات السياسوية المصطنعة من طرف ” اثرياء الريع وعملائهم في كل المواقع والمسؤوليات” التي لن تنتهي؟ وعدم المبالغة في تقدير ما ينطلق من اعتبارات ذات علاقة بمن يؤمن حد النخاع بمخطط “اريد ان استفيد”، بغض النظر عما إذا كانت خطاباته صائبة أو لا ..
اليوم يجب على النخب المناضلة الحقيقية بإنزكان أن تأخذ قرارها المصيري السياسي بشجاعة وبنضج وبعيدة كل البعد عن منطق انتظار التعليمات ومواقف اثرياء الريع ومن يخدم اجندتهم.. الساحة الحزبية والمدنية والمؤسسات الدستورية بصفة عامة اليوم يجب أن تنضج فيها الأوضاع والسياقات بطرق ديمقراطية…وإلا فلتذهب الانتخابات الى الجحيم…


محمد امنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى